ما عملتموه فيها
لتجازوا عليه في الدار الباقية: ﴿يَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَيۡرٖ مُّحۡضَرٗا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوٓءٖ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَهُۥٓ أَمَدَۢا بَعِيدٗاۗ﴾ [آل عمران: 30].
حل عليكم شهر رمضان
لترجعوا إلى ربكم بالتوبة والأعمال الصالحة، وتتربوا على فعل الطاعات وترك
المحرمات وتتلقوا دروس الصبر، وتنتصروا على النفوس الأمارة بالسوء. فما تنقضي أيام
هذا الشهر المبارك إلا وقد ألفتم الطاعة، وكرهتم المعصية، وتربيتم على الأخلاق
الفاضلة، فتيقظتم بعد غفلة، وحضرتم بعد طول غياب، وعرفتم قدر الحياة وقيمة
العبادة.
عباد الله، والآن انقضى شهر
رمضان فلا ترجعوا بعده إلى المعاصي؛ فإن رب الشهور واحدٌ، ولا تهدموا ما بنيتم فيه
من صالح الأعمال؛ فإن من علامة قبول الحسنة إتباعها بالحسنة، وإن الرجوع إلى
المعاصي بعد التوبة منها أعظم جُرمًا وأشد إثمًا مما كان قبل ذلك، وإن أمامكم
ميزانًا توزن فيه حسناتكم وسيئاتكم ﴿فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٢
وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ
أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ ١٠٣﴾ [المؤمنون: 102،
103]، والشهور مزرعة للأعمال، ومواقيت للآجال.
عباد الله، إن انقضى موسم رمضان فبين أيديكم موسم يتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، وهو الصلوات الخمس التي فرضها الله على عباده، تدعون لحضورها في المساجد؛ لتقفوا بين يدي مولاكم وتدعوه وتستغفروه وتسألوه من فضله، فأجيبوا ﴿يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ ٣١ وَمَن لَّا يُجِبۡ دَاعِيَ ٱللَّهِ