فَلَيۡسَ بِمُعۡجِزٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَيۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ
أَوۡلِيَآءُۚ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٣٢﴾ [الأحقاف: 31، 32]، وبين أيديكم موسم
يتكرر كل أسبوع وهو صلاة الجمعة ويوم الجمعة الذي اختص الله به هذه الأمة، وفيه
ساعة الإجابة التي لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا وهو قائم يُصلي إلا أعطاه
إياه وبين أيديكم مواسم في جوف الليل وفي وقت الأسحار، وخزائن ربكم ملأى ولا
تغيضها نفقةٌ، ويده سحَّاء بالليل والنهار؛ فإنه لا غنى بكم عنه طرفة عين في أي
لحظة من اللحظات فليست حاجتكم إليه في رمضان فقط. فما بال أقوام يقبلون في رمضان
على الطاعة فإذا انسلخ تنكروا وتغيرت أحوالهم. لقد سُئل بعض السلف عن مثل هؤلاء
فقال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان. لقد كانت تمتلئ المساجد بهؤلاء في
الصلوات الخمس، وعندما انسلخ رمضان اختفوا وانمحت آثارهم إلى المساجد وقبعوا في
بيوتهم، كأنهم استغنوا عن الله، أو كأن الواجبات سقطت عنهم والمحرمات أبيحت لهم
خارج رمضان، نعوذ بالله من الضلال بعد الهُدى ومن العمى بعد البصيرة، ومن الكفر
بعد الإيمان؛ قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ
ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ﴾ [محمد: 33]. فكما أن الحسنات
يُذهبن السيئات فكذلك السيئات تقضي على الحسنات. وقد قيل: ذنب بعد توبةٍ أقبح من
سبعين قبلها.
بكى بعض السلف عند
الموت فسُئل عن ذلك فقال: أبكي على ليلةٍ ما قمتها وعلى يوم ما صمته. فإذا كان الإنسان
سيندم عند الموت على ترك النوافل فما بالكم بندامة من ضيع الفرائض؟!.
إن شهر رمضان يجب أن
يودع بالاستغفار وطلب القبول؛ فقد كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم
رمضان فإذا بلغهم إياه