وعملوا فيه عملاً
صالحًا دعوا الله ستة أشهر أن يتقبله منهم فكل زمانهم رمضان. وكثير من أهل هذا
الزمان يودعونه ويتبعونه بالمعاصي وترك الواجبات وفعل المحرمات. إن الله يأمرنا أن
نختم شهر رمضان بالتكبير وشكر الله على تمام النعمة حيث يقول سبحانه: ﴿وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ
وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة: 185]. والرسول صلى الله
عليه وسلم يحثنا على أن نتبعه بصيام ستة أيام من شهر شوال، فروى مسلم من حديث أبي
أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَامَ
رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًا مِنْ شَوَّالٍ، كَان كَصِيام الدَّهْرَ» ([1]).
وإنما كان صيام رمضان وإتباعه ستًا من شوال يعدل صيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان عن عشرة أشهر وستة أيام من شوال عن شهرين. وفي معاودة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة؛ منها أن صيام هذه الستة بعد رمضان كصلاة النافلة بعد الفريضة يكمل بذلك ما حصل في صيام رمضان من خلل ونقص؛ فإن الفرائض تُجبُر أو تكمل بالنوافل يوم القيامة. وأكثر الناس يقع في صيامه للفرض خلل ونقص فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من صيام النفل. ومنها أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله إذا تقبل عمل عبدٍ وفقه لعملٍ صالحٍ بعدهُ كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها. كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئةٍ كان ذلك علامة على رد الحسنة التي عملها وعدم قبولها. ومنها أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شُكرًا لهذه
([1]) أخرجه:مسلم رقم (1164).