×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

النعمة. فمن جُملة شُكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ومغفرته لذنوبه أن يصوم له شُكرًا عقب ذلك. ومنها أن العود إلى الصيام بعد الفطر يدل على رغبته في الصيام وأنه لم يمله ولم يستثقله.

عباد الله: إن مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعد خروجه: من تبديل نعمة الله كفرًا، فمن عزم على معاودة المعاصي بعد رمضان فصيامه عليه مردود، وباب الرحمة في وجهه مسدودٌ؛ إن هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير الآجال، ومواقيت الأعمال، ثم تنقضي سريعًا، وتمضي جميعًا، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها، باق لا يزول، ودائم لا يحول، وهو في جميع الأوقات إله واحدٌ، ولأعمال عباده رقيب ومُشاهدٌ، فاتقوه وداوموا على طاعته واجتناب معصيته؛ فإن كل وقت يُخليه العبد من طاعته فقد خسره، وكل ساعة يغفل فيها عن ذكر ربه تكون عليه يوم القيامة حسرة وندامةً: ﴿مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ [فصلت: 46].

عباد الله: إن فضل الله عليكم متواصل، ومواسم المغفرة لا تزال متتالية لمن وفقه الله لاغتنامها؛ فإنه لما انقضى شهر رمضان دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، فكما أن من صام رمضان وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه، فكذلك من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه. فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا ولله فيها عليه وظيفةٌ من وظائف الطاعات؛ فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف ويتقرب بها إلى مولاهُ.


الشرح