ومن ذكر الله عز وجل
في هذه الأيام المباركة ذكرهُ على الأكل والشرب، فإن المشروع في الأكل والشرب أن
يُسمي الله في أوله ويحمده في آخره، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
اللهَ عز وجل لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَْكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ
عَلَيْهَا، ويَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» ([1]). وقد روي أن من سمى
على أول طعامه وحمد الله على آخره فقد أدى ثمنهُ ولم يُسأل بعد عن شُكره.
ومن ذكر الله عز وجل
في هذه الأيام المباركة ذكره بأداء المناسك فيها من الوقوف بالمشاعر والطواف
والسعي ورمي الجمار وغير ذلك بالنسبة للحُجاج. ومن ذكر الله في هذه الأيام
المباركة ذكره بالتكبير المطلق في كل أوقاتها؛ فقد كان عُمر رضي الله عنه يُكبر
بمنى في قبته فيسمعه الناس فيكبرون فترتج منى تكبيرًا، وقد قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُم
مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ
ذِكۡرٗاۗ﴾ [البقرة: 200]. وقد استحب كثير من السلف كثرة الدعاء بقوله: ﴿رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي
ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ﴾ [البقرة: 201]. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية للخير، وكان النبي
صلى الله عليه وسلم يُكثر منه فإنه يجمع خير الدنيا والآخرة. قال الحسن: الحسنةُ
في الدنيا: العلمُ والعبادة، وفي الآخرة: الجنةُ.
عباد الله، إن أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشُرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشُكر وبذلك تتم النعم. وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لله عز وجل » ([2]) إشارة إلى أن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2734).