×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 العام: كيف قضيناه؟ ولنُفتش كتاب أعمالنا كيف أمليناه، فإن كان خيرًا حمدنا الله وشكرناهُ، وإن كان شرًا تُبنا إلى الله واستغفرناه. كم يتمنى المرء تمام شهره، وهو يعلم أن ذلك ينقص من عمره، وأنها مراحل يقطعها من سفره، وصفحات يطويها من دفتره، وخُطواتٌ يمشيها إلى قبره، فهل يفرح بذلك إلا من استعد للقدوم على ربه بامتثال أمره؟!

عباد الله، ألم تروا إلى هذه الشمس كل يوم تطلع وتغرب، ففي طلوعها ثم غروبها إيذانٌ بأن هذه الدنيا ليست بدار قرار، وإنما هي طلوعٌ ثم غروبٌ. ألم تروا إلى هذه الأعوام تتجدد عامًا بعد عام؟ فأنتم تودعون «عامًا شهيدًا عليكم. وتستقبلون عامًا جديدًا مقبلاً إليكم. فبماذا تودعون» ([1]) العام الماضي وتستقبلون العام الجديد.

فليقف كلٌ منا مع نفسه مُحاسبًا ماذا أسلفت في عامها الماضي، فإن كان خيرًا ازداد، وإن يكن غير ذلك أقلع وأناب، فإنما تُمحى السيئة بالحسنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» ([2]). ليُحاسب كُلٌ منا نفسه عن فرائض الإسلام وأدائها، عن حقوق المخلوقين والتخلص منها، عن أمواله التي جمعها من أين جاءت وكيف يُنفقُها؟.

أيها الناس، حاسبوا أنفسكم اليوم فأنتم أقدر على العلاج منكم غدًا، فإنكم لا تدرون ما يأتي به الغد، حاسبوها في ختام عامكم وفي جميع أيامكم، فإنها خزائنكم التي تحفظ لكم أعمالكم، وعما قريب تُفتح لكم فترون ما أودعتم فيها. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَى مَعَالِمِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2791)، وأحمد رقم (21354).