فقال لهم الرسول
الصادق المصدوق: ﴿إِنَّ
مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ﴾ [الشعراء: 62] فأوحى الله إليه ﴿أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ﴾ [الشعراء: 63]، فتقدم صلوات الله
وسلامهُ عليه إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه، فلما ضربه انفلق وانفتح اثني عشر
طريقًا يابسةً لا وحل فيها، وصار الماء السيالُ بين هذه الطرق كأطواد الجبال،
فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين، ودخل فرعون وجنوده في أثرهم، فلما جاوزه
موسى وقومه وخرج آخرهم منه، وتكامل فرعون وقومه في داخل البحر، أطبقه الله عليهم،
وعاد إلى حالته الأولى، فأغرقهم أجمعين.
فانظروا -رحمكم
الله- إلى ما في هذه القصة العظيمة من العبر، وقد وقع هذ الحدث العظيم والنصر
المبين الذي ظهر فيه الحق على الباطل في يوم عاشوراء، أي: اليوم العاشر من شهر
المحرم، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم
النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، واليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا
الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى
عَلَى فِرْعَوْنَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَِصْحَابِهِ: «أَنْتُمْ
أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوا» ([1]).
فيستحب -يا عباد الله- صيام هذا اليوم شكرًا لله، فقد صامه كليم الله موسى، شكرًا لله، وصامه نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، وقال صلى الله عليه وسلم: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4403).