×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 مخالفة الكفار فيما هو من خصائصهم في العبادات والمعاملات، وفي الآداب والأخلاق؛ لأن التشبه بهم في الظاهر يورث محبتهم في الباطن، ولهذا تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على الأمر بمخالفتهم والنهي عن التشبه بهم، إبعادًا للمسلم عما فيه مضرته، لأن أعمال الكفار باطلةٌ، ومساعيهم ضالةٌ، ونهايتهم إلى الهلاك، فجميع أعمال الكافر وأموره لا بد فيها من خللٍ يمنعها أن تتم له بها منفعةٌ، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۢ بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡ‍َٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡ‍ٔٗا [النور: 39]. وقال تعالى: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ [إبراهيم: 18].

أيها المسلمون: ومع أن الله قد حذرنا سبيلهم، فقضاؤه نافذٌ بما أخبر به رسوله مما سبق في علمه تعالى، حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ». قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» ([1]). أي: من القوم إلا هؤلاء.

وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي مَأخذ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ». فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: و«مَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3269)، ومسلم رقم (2669).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6888).