والرقي والتقدم، فلو
تمسكنا به حق التمسك لصرنا أرقى الناس، ولأصبح كل العالم يحتاج إلى ما عندنا،
ولسنا بحاجة إلى أحدٍ غير الله، ولكننا ضيعنا ديننا فضعنا، وصرنا نستورد من
أعدائنا كل عادةٍ سيئة، وكل خُلُقٍ ذميمٍ، وكل سُنَّةٍ جاهليةٍ، فننشر ذلك في
مجتمعنا ونربي عليه أولادنا ونساءنا، دون تفكير في عواقبه، وتقدير لنتائجه، لنساير
ركب الحضارة، ونمشي مع الركب العالمي، ولو كان يسير إلى الهاوية، ولو كان يسعى إلى
الهلاك، والمهم ألا نتخلف عنهم!
وهم يخططون لنا
أسباب هلاكنا، ونحن ننفذها بكل اعتزازٍ وافتخارٍ، وهم يحاولون القضاء على ديننا أو
إبعادنا عنه، ونحن نساعدهم على ذلك، ففي كل يوم ندفن جزءًا من ديننا، ونحل محله
عادةً غريبةً، أو سنة من سنن الجاهلية، وصدق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله
عنه حيث يقول: «إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف
الجاهلية».
إن ديننا لا يحرم علينا أن نستورد من الكفار المدفع والدبابة وسلاح القتال بأنواعه وأن نستفيد من خبراتهم في مجال التقنية وخطط الصناعة، وديننا لا يحرم علينا التعامل مع الكفار في مجال التجارة المباحة وتبادل المنافع المفيدة، إنما الذي يحرمه ديننا «أن نستورد منهم العادات السيئة والخصال الذميمة والتقاليد الفاسدة. ويحرم ديننا كذلك» ([1])التشبه بهم فيما هو من خصائصهم، لما في ذلك من المفاسد العاجلة والآجلة، فلا نتشبه بهم في أعيادهم وعاداتهم، ولا نتشبه بهم في لباسهم وهيئاتهم.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.