وسيرهم لا يبقى لقصص
الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام، ونظائر هذا كثيرةٌ، ولهذا جاء في الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلاَّ نَزَعَ اللهُ
عَنْهُمْ مِنَ السُّنَّةِ مِثْلَهَا» ([1]) رواه الإمام أحمد.
إلى أن قال:
فالمشابهة والمشاكلة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة، على وجه المسارقة
والتدريج الخفي. والمشاركة في الهدى الظاهر توجب أيضًا مناسبة وائتلافًا وإن بعد
المكان والزمان. فمشابهتهم في أعيادهم ولو القليل هي سببٌ لنوعٍ ما من اكتساب
أخلاقهم التي هي ملعونةٌ.
وقال رحمه الله على
قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([2]): وهذا الحديث أقل
أحواله: أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في
قوله: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم
مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ﴾ [المائدة: 51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه
قال: «مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِين، وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ،
وَمِهْرَجَانَهُمْ، وتَشَبَّهَ بهم حتَّى يَمُوتَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ» ([3]). انتهى كلامه رحمه
الله.
فانتبهوا لأنفسكم
أيها المسلمون. واشكروا الله على ما هداكم غليه من هذا الدين، وتمسكوا به، ولا
تبتغوا به بديلاً، إن كنتم تريدون السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ﴾ [المائدة: 51] الآيات.
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (99)، وأحمد رقم (16970).
الصفحة 5 / 538