فهم تارةً يحاولون
القضاء على الإسلام بالغزو المسلح، وتارةً ببث الدسائس في صفوف المسلمين، وتارةً
بالمكر والخديعة وإظهار النصح والصداقة، وهكذا، كلما عجزوا من باب جاءوا من بابٍ
آخر، وإذا لم يتمكنوا من إنزال الضرر بجماعة المسلمين حاولوا إنزاله بأفرادهم، هذا
ديننا واضحٌ كل الوضوح ببيان مكائدهم وفضح دسائسهم، لكن قد يصيبون من المسلمين
غرةً، ويهتبلون منهم غفلةً، فيقذفون سمومهم في جسم الأمة الإسلامية، فإذا تنبه
المسلمون لهم ورجعوا إلى دينهم، رد الله كيدهم في نحورهم، وكفى المسلمين شرهم.
أيها المسلمون: إن كيد الكفار
للمسلمين في هذا الزمان قد تزايد وتأثيرهم عليهم قد تضاعف، نتيجة لغفلة المسلمين
عنهم، وتساهلهم في شأنهم، ووضع الثقة فيهم، وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله
عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ تَتَدَاعَى عَلَيْكُمُ
الأُْمَمُ كَمَا تَتَدَاعَى الأَْكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا»، قَالوا: أَمِنْ
قِلَّةٍ نحن يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لا، أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ،
وَلَكِنَّكُم غُثَاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ» ([1]).
ومن تمام الابتلاء:
ما أعطي الكفار في زماننا هذا من مهارة في الاختراع، والصناعة، ومعرفة بنظام
الحياة الدنيا مما حُرِمَ منه المسلمون نتيجة لتكاسلهم وتفككهم، مع أن الأجدر أن
يكون المسلمون هم السابقين في كل مجالٍ؛ لأن دينهم يأمرهم بذلك، ويريد منهم أن
يكونوا هم القادة، ويكون الكفار تابعين لهم، كما كان أسلافهم كذلك.
لكن حينما تخلى المسلمون عن مكانتهم في العالم، وضيعوا دينهم، ضاعوا وصاروا عالةً على الكفار في كل شيءٍ، فانتهز الكفار
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4297)، وأحمد رقم (22450)، والطيالسي رقم (992).