حاجة المسلمين
إليهم، فصاروا لا يعطونهم شيئًا مما بأيديهم، إلا بدفع الثمن غاليًا من دينهم
وأموالهم وأوطانهم، وصار المسلمون يدفعون أولادهم إلى بلاد الكفار، ليكسبوا من
خبراتهم، ويتعلموا في مدارسهم ما به يدفعون حاجة بلادهم في مجال الصناعة والتنظيم.
هذا قصد المسلمين من إرسال أولادهم إلى الكفار، ولكن الكفار لهم مقصدٌ يخالف قصد المسلمين، وهو: إفساد أولاد المسلمين، وسلخهم من دينهم، وتلقينهم الإلحاد والزندقة، وإغراقهم في الشهوات المحرمة، حتى يرجع كثيرٌ منهم إلى بلادهم بلا دين ولا خلق، وبالتالي بلا تعلم مفيد، وهذا ما يريده الكفار بالمسلمين، يريدون أن يبقوا بحاجةٍ إليهم دائمًا، ويريدون أن يفسدوا أولاد المسلمين، حتى يصبحوا حربة في نحور المسلمين، وقد سنحت لهم الفرصة، وصدق الله العظيم ﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ﴾ [آل عمران: 118] كم أرسل المسلمون أولادهم الأفواج تلو الأفواج، فماذا استفادوا من تلك البعثات؟ لقد خسروا أولادهم، ولم تسد حاجتهم، ولم يستغنوا عن الكفار! «أيها المسلمون:» ([1]) والأدهى من ذلك أن بعض المسلمين قد بلغ من ثقتهم بالكفار وإحسان الظن بهم أن استقدموا منهم مربين ومربيات لأولادهم، وأدخلوهم في بيوتهم، وسلموهم أولادهم الصغار، فانتهز هؤلاء المربون الفرصة، ليغيروا فطرتهم، وينشئونهم على دين الكفر، أو يفسدوا أخلاقهم. وقد حصلت وقائع ومواقف لأولئك المربين مع أولاد المسلمين، يلقنونهم دين النصارى، ويحذرونهم من دين المسلمين، ويغرسون فيهم عقائد الإلحاد.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.