الْكِيرِ إِمَّا
أَنْ يَحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً» ([1]). متفقٌ عليه.
أيها المسلم: اجعل هذا الحديث الشريف دائمًا على بالك وأنت تخالط الناس في الأسواق والمجالس، وفي البيوت والمدارس، وفي المكاتب والدوائر، وفي كل مجالٍ تخالط فيه الناس، فاختر لصحبتك ومجالستك ومشاركتك في مزاولة أي عملٍ، اختر الصالحين من الناس، ليكونوا لك جلساء وزملاء وشركاء وحاشية ومستشارين، فهذا الحديث الشريف يفيد أن الجليس الصالح جميع أحواله صديقه معه خيرٌ وبركةٌ ونفعٌ ومغنمٌ، مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه، إما بهبةٍ، أو ببيعٍ، أو أقل شيء تكون مدة جلوسك معه قرير العين منشرح الصدر برائحة المسك؛ جليسك الصالح يأمرك بالخير، وينهاك عن الشر، ويسمعك العلم النافع، والقول الصادق، والحكمة البالغة، ويعرفك عيوب نفسك، ويشغلك عما لا يعنيك، ويجهد نفسه في تعليمك وتفهيمك، وإصلاحك وتقويمك، إذا غفلت ذكرك، وإذا أهملت أو مللت بشرك وأنذرك، يحمي عرضك في مغيبك وحضرتك، وأولئك القوم لا يشقى بهم جليسهم، تنزل عليهم الرحمة، فتشاركهم فيها، وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح -وهي فائدة لا يستهان بها- أن تكف بسببه عن السيئات والمعاصي، رعاية للصحبة، ومنافسةً في الخير، وترفعًا عن الشر، وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى، وحسب المرء أن يعتبر بقرينه، وأن يكون على دين خليله.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5214)، ومسلم رقم (2628).