×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

وصحبة الصالحين ينتفع بها حتى البهائم، كما حصل للكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، فقد شملته بركاتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال العجيبة، وصار له ذكرٌ وخبرٌ وشأنٌ.

وأما صحبة الأشرار فإنها السم الناقع، والبلاء الواقع، فهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات، ويرغبون فيها، ويفتحون لمن جالسهم وخالطهم أبواب الشرور، ويسهلون له سبل المعاصي، فقرين السوء إن لم تشاركه في إساءته، أخذت بنصيبٍ وافرٍ من الرضا بما يصنع، والسكوت على شره، فهو كنافخ الكير على الفحم الملوث، وأنت جليسه القريب منه، يحرق بدنك وثيابك ويملأ أنفك بالروائح الكريهة، وفي مجالس الشر تقع الغيبة والنميمة، والكذب والشتم، والكلام الفاحش، ويقع اللهو واللعب، وممالأة الفسق على الخوض في الباطل، فهي ضارةٌ من جميع الوجوه لمن صاحبهم، وشرٌ على من خالطهم، فكم هلك بسببهم أقوامٌ، وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث لا يعرفون ومن حيث لا يشعرون.

وإليكم واقعتين مأساتين، حصلتا بسبب صحبة الأشرار.

الواقعة الأولى: ورد أن عقبة بن أبي معيطٍ كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ولا يؤذيه، وكان بقية قريشٍ إذا جلسوا معه يؤذونه، وكان لابن أبي معيطٍ خليلٌ كافرٌ غائب في الشام، فظنت قريش أن ابن أبي معيط قد أسلم، فلما قدم خليله من الشام وبلغه ذلك غضب غضبًا شديدًا، وأبى أن يكلمه حتى يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، فنفذ ما طلب منه خليله الكافر، وآذى النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت عاقبته أن قُتِلَ يوم بدر كافرًا، وأنزل الله فيه قوله تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ


الشرح