×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

فما بال أقوامٍ ينتسبون إلى هذا الدين ثم يخالفونه في أخلاقهم وعاداتهم، فيتشبهون بالكفار في شتى المجالات عن عمد وإصرارٍ؟ وقد روى أبو داود «والحاكم في المستدرك» ([1]) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([2])، وفي سنن الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِقَومٍ غَيْرِنَا» ([3]).

إن التشبه بالكفار في الظاهر يدل على مودتهم في القلب، وذلك ينافي الإيمان، قال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ ْ [المجادلة: 22]. «إن التشبه بالكفار تنكر للإسلام واستبدال لتعاليمه بغيرها، وكفى بذلك ذمًا وإثمًا» ([4]).

أيها المسلمون: إن مما يندى له الجبين ويحزن له القلب ما تفشى في مجتمعنا من أنواع التشبه بالكفار بين الرجال والنساء والشباب.

فمن أنواع التشبه بالكفار الفاشية بين الرجال حلق اللحى وتوفير الشوارب، فرارًا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، فلقد كان من هديه الكامل وأخلاقه إعفاء اللحية، وجز الشارب أو قصه، قال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعفي لحيته، وكذلك الأنبياء الكرام قبله، فقد ذكر الله تعالى عن هارون أنه قال لموسى: ﴿قَالَ يَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ [طه: 94]،


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5114)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (1199).

([3])  أخرجه: الترمذي رقم (2695)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (7380).

([4])  زيادة من طبعة دار المعارف.