×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ [المؤمنون: 8] » ([1]). ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ ١٠  ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ١ [المؤمنون: 10- 11]. «وقال في آية أخرى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ فِي جَنَّٰتٖ مُّكۡرَمُونَ [المعارج: 35] » ([2]).

عباد الله، إن الأمانة ترفع في آخر الزمان، فقد روى البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة. ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَْمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَْمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ، فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ أَخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهَا عَلَى رِجْلِهِ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَْمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ، مَا أَظْرَفَهُ، مَا أَعْقَلَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ([3]).

ومعنى الحديث: أن الأمانة كانت موجودة في الناس عن طريق الفطرة والوحي، ثم تقبض منهم لسوء أفعالهم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ [الرعد: 11]، فتزول الأمانة من القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزء منها زال نوره وخلفه ظلمه، ثم إذا زال الجزء الثاني خلفه ظلمةٌ أشد من الظلمة التي قبلها، ويصبح الأمين بعد ذلك غريبًا في الناس، حتى يمدح من لا خير فيه ولا إيمان.


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([2])  زيادة من طبعة دار المعارف.

([3])  أخرجه: البخاري رقم (6132)، ومسلم رقم (143).