المحجة البيضاء، والملة السمحاء، فاشكروا له ولا
تكفروه، واذكروه ولا تنسوه، وأطيعوه ولا تعصوه، ولا تكونوا كالذين ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى
ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ كُفۡرٗا وَأَحَلُّواْ قَوۡمَهُمۡ دَارَ ٱلۡبَوَارِ ٢٨ جَهَنَّمَ
يَصۡلَوۡنَهَاۖ وَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ ٢٩﴾ [إبراهيم:28- 29]، ﴿ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ
يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنفال: 53].
عباد الله: إن حقيقة الشكر هي:
الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف. وشكر العبد لربه يدور على ثلاثة أركان،
لا يكون العبد شكورًا إلا بمجموعها:
أحدها: اعترافه بنعمة الله
عليه في قرارة قلبه، بأن يعترف بأن هذه النعم واصلةٌ إليه من الله سبحانه، تفضلاً
منه وإحسانًا، لا بحوله ولا بقوته.
الثاني: التحدث بهذه النعم
ظاهرًا، فيثني على الله ويحمده ويشكره، فلا ينسب النعم إلى غير الله، كما قال
قارون لمَّا نصحه قومه، وقالوا له: ﴿إِنَّ قَٰرُونَ كَانَ مِن قَوۡمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيۡهِمۡۖ
وَءَاتَيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ
أُوْلِي ٱلۡقُوَّةِ إِذۡ قَالَ لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا
يُحِبُّ ٱلۡفَرِحِينَ ٧٦ وَٱبۡتَغِ فِيمَآ
ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ
وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي
ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ٧٧﴾ [القصص: 76، 77]، فكان جوابه إنكار
فضل الله عليه، وأن هذه الكنوز وهذه الأموال التي بيده إنما حصلت له بسبب علمه
وخبرته أو استحقاقه لها ﴿قَالَ
إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ﴾ [القصص: 78] فماذا كانت
النتيجة؟ كانت أسوء النتائج؛ حيث خسف الله به وبداره الأرض، فهو يتجلجل إلى يوم
القيامة، نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه.