وفي هذا حثٌّ على
تعلم العلم النافع، والحرص عليه، بل لقد أمر الله بتعلم العلم قبل القول والعمل،
قال الله تعالى: ﴿فَٱعۡلَمۡ
أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ﴾ [محمد: 19]، قال الإمام
البخاري رحمه الله في صحيحه: «باب: العلم قبل القول والعمل» وأورد هذه الآية.
ويحرم الخوض في
مسائل الدين بدون علم، وقد جعل الله القول عليه بدون علم عديل الشرك، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ
رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ
بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]، وأمر سبحانه من
ليس عنده علم أن يسأل العلماء، قال تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، وأنكر صلى الله
عليه وسلم على قوم أفتوا بغير علم فقال: «أَلاَ سَأَلُوا إِذَا لَمْ
يَعْلَمُوا» ([1]).
عباد الله: وتعلُّمُ العلم على
نوعين:
النوع الأول: واجب على كل مسلم،
لا يعذر أحد بتركه، وهو تعلُّم ما يستقيم به دينه، كأحكام العقيدة والطهارة
والصلاة والزكاة والصوم على الوجه الذي يتمكن به من أداء هذه العبادات على وجهها
الصحيح، فتعلُّم هذه الأمور واجب على الأعيان، لا يعذر أحد بجهالته.
النوع الثاني: ما زاد عن ذلك من تعلم بقية أحكام الشريعة في المعاملات والوصايا والمواريث والأنكحة والجنايات والقضاء، فهذا واجب على الكفاية، إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الإثم عن الباقين، وإن تركه الكل أثموا، والاشتغال بتعلم هذا النوع أفضل من الاشتغال بنوافل العبادات من صلاة وصوم وحج وغير ذلك.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (336)، وابن ماجه رقم (572)، وأحمد رقم (3056).