×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن شدة الحر والبرد من أنفاس جهنم، ولما قال المنافقون: ﴿لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ ِ [التوبة: 81]. قال الله تعالى: ﴿قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّٗاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ [التوبة: 81].

كما أن الله سبحانه يُري عباده في هذه الدار آثارًا من آثار الجنة، وأنموذجًا منها، كالرائحة الطيبة، واللذات المشتهاة، والمناظر البهية، والفاكهة الحسنة، والنعيم والسرور وقرة العين، قال صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ عز وجل لِلْجَنَّةِ: طِيبِي لأَِهْلِكِ فَتَزْدَادُ طِيبًا، فَذَلِكَ الْبَرْدُ الَّذِي يَجِدُهُ النَّاسُ بِالسَّحَرِ مِنْ ذَلِكَ» ([1]) رواه أبو نعيم.

كل ما في الدنيا من المسرات والملذات النافعة وأصناف النعم، فإنه يُذكر بما في الجنة، فالله سبحانه يُذكر الإنسان بالأحوال التي تمر عليه في هذه الدنيا، بنظيرها كما سيجري عليه في الدار الآخرة، ليتذكر ويتعظ ويستيقظ لنفسه، فقد ذكر الإنسان حينما يركب على الفلك والأنعام للسفر الدنيوي، ركوبه على النعش للسفر إلى الآخرة، فقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ ١٢ لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ ١٣ وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ١ [الزخرف: 12- 14]، أي: لصائرون إليه بعد مماتنا، وإليه سيرنا الأكبر، وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة.

كما نبه سبحانه بأخذ الزاد ال دنيوي لسفر الدنيا على أخذ الزاد الأخروي لسفر الآخرة، في قوله سبحانه ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ [البقرة: 197]، فالتقوى هي زاد السفر إلى الآخرة، ليس له زاد


الشرح

([1])  أخرجه: الطبراني في ((الصغير)) رقم (75).