منه لك على لسان
رسوله، قال تعالى ﴿إِنَّ
فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ
شَهِيدٞ﴾ [ق: 37]، فقوله: ﴿لِمَن
كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ﴾ يراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: ﴿لِّيُنذِرَ مَن كَانَ
حَيّٗا ﴾ [يس: 70]، أي حي القلب، وقوله: ﴿أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ﴾ [ق: 37]، أي: وجه سمعه، وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وقوله:
﴿وَهُوَ شَهِيدٞ﴾ [ق: 37]، أي: شاهد القلب،
حاضرٌ غير غائب، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل؛ وهو الإصغاء، وانتفى
المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معاني الخطاب، وانصرافه عنه إلى شيء آخر - حصل
الأثر وهو الانتفاع والتذكر.
ومن العظات البالغة:
الموت؛ قال تعالى: ﴿كُلُّ
مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ ٢٦ وَيَبۡقَىٰ
وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ٢﴾ [الرحمن: 26، 27]، ﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ﴾ [آل عمران: 185]، ﴿أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي
بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ﴾ [النساء: 78]، والآيات في التذكير بالموت كثيرةٌ، وكذا
الأحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ
اللَّذَّاتِ الموت» ([1])، وعن أبي بن كعب
رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ذهب ثلث الليل قام فقال:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا
الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ» ([2])).
خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال: أما بعد، فإن الله عز وجل لم يخلقكم عبثًا، ولم يدع شيئًا من أمركم سدى، وإن لكم معادًا ينزل الله عز وجل فيه للحكم والقضاء بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2460)، والطبراني في ((الأوسط)) رقم (691).