×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 أخوةٌ تجمع بين المسلمين وإن تباعدت أقطارهم ونأت ديارهم، أخوةٌ توجب التناصح والتناصر والتواصي بالحق والصبر عليه، أخوةٌ تمنع المسلم أن يغش أخاه المسلم، أو يخدعه، أو يخذله، أو يؤذيه بأي أذى في دمه أو ماله أو عرضه، فقد قال الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا [الأحزاب: 58].

إن الله سبحانه قد رسم لهذه الأخوة طريقًا تسير عليه يثبت قواعدها، وينمي ثمراتها، ويدفع كل ما يتنافى معها، أو يقف في طريقها، وفي سورة الحجرات ما يوضح هذا النهج الرباني، فهو سبحانه قد أمرنا بالتثبت حينما ينقل إلينا خبرٌ سيء عن فردٍ أو جماعةٍ من المسلمين، فلا نتعجل بقبوله حتى نعلم مدى صحته، بقوله تعالى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ [الحجرات: 6].

ثم يأمرنا سبحانه بحسم النزاع وتلافي الفرقة بين المتنازعين من المسلمين، خصوصًا عندما يكون النزاع مسلحًا، لئلا تذهب فيه أرواح بريئةٌ، وتراق فيه دماءٌ معصومةٌ، وإن مثل هذا النزاع يُحسم بأحد أمرين: الإصلاح أولاً، بالقضاء على أسبابه وإزالة آثاره، أو التأديب للفئة المعتدية التي لا تقبل الصُلح، والوقوف بجانب الفئة المعتدى عليها، يقول تعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٩ إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ١٠ [الحجرات: 9- 10].

ثم إنه سبحانه ينهى المسلم أن يسخر ويحط من قدر المسلم،


الشرح