وقدر المسلم عند الله عظيم، إن السخرية توجب
النفرة بين الأخوين المسلمين، ثم ما يُدريك: لعل هذا الذي سخرت منه خيرٌ منك عند
الله، فتكون قد حقرت ما عظم الله، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ
عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ
أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ َ﴾ [الحجرات: 11]، فالسخرية لا تقع
إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بِحَسْبِ
امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» ([1]). ثم نهى سبحانه عن
تلمُس العيوب للمسلم، وإعلانها على الناس، ونهى سبحانهُ عن تعيير المسلم بلقب
يكرهه؛ لأن ذلك مما يُسيء إلى المسلم ويورث العداوة، وربما يُسبب الرد بالمثل،
فيكون الإنسان قد جنى على أخيه وجنى على نفسه، قال تعالى: ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ﴾ [الحجرات: 11]، واعتبر ذلك فسوقًا
وظُلمًا ممن لم يتُب منه، فقال: ﴿بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].
ثم نهى سبحانه عن
سوء الظن بالمسلم، ما لم يتبين منه ما يوجب ذلك، فإن الأصل في المسلم العدالة
والخيرية، وسوء الظن به يُسبب الابتعاد عنه، وعداواته وبغضه، وهذا يتنافى مع
الأخوة الإيمانية، قال تعالى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ
ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ﴾ [الحجرات: 12].
ونهى سبحانه عن البحث عن عورات المسلم، وتطلب عثراته التي قد سترها الله عليه؛ لأن في البحث عنها إشاعة للمنكر، وتشويها للمجتمع المسلم، وزعزعة للثقة بين المسلمين، فقال تعالى: ﴿وَ لَا تَجَسَّسُواْ﴾ [الحجرات: 12].
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2564).