×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 وأما المتمسك بالسُنة فهو -بحمد الله- طيب القلب، سليم التفكير، سباق إلى الخير، ومتقدم في كل مجالٍ طيبٍ، ليس جامدًا ولا رجعيًا ولا متأخرًا.

عباد الله، إن ما حل بالمسلمين اليوم من ضعفٍ وتفككٍ ومصائب، إنما سببه تفريطهم في التمسك بدينهم، والتماس الهُدى من غيره، فلما أعرضوا عن تحكيم الكتاب والسُنة والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم، وظلمةٌ في قلوبهم، وكدر في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمَّتهم هذه الأمور، وغلبت عليهم حتى شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير، فلم يروها منكرًا، ولن تذهب عنهم هذه الآفاق حتى يرجعوا إلى دينهم، فالله تعالى: ﴿لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ [الرعد: 11].

إن المُعرض عن الحق بعد معرفته يُعاقب بفساد قلبه وزيغه، فلا يقبل الحق بعد ذلك، ولا يرجع إلى الهدى، كحال المنافقين الذين قال الله فيهم: ﴿صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ [البقرة: 18]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ [الصف: 5]، وقال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ [الأنعام: 110]، هذه عقوبته في الدُنيا. وأما عقوبته في الآخرة فاسمعوا قوله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بِ‍َٔايَٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰٓ ١٢٧ [طه: 124- 127]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا


الشرح