×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 وفي بعضها: «أنَّهُم نَاسٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ فِي نَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ» ([1]). وفي بعضها «أنَّهُم الَّذِينَ يُمْسِكُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ حِينَ يُتْرَكُ وَيَعمَلُونَ بِالسُّنَّةِ حِينَ تُطْفَأُ» ([2]).

ففي هذه الروايات عن الرسول صلى الله عليه وسلم إخبار عن قلة المتمسكين بالسُنة في آخر الزمان، وكثرة المخالفين لها، وفيها الحث على التمسك بها عند ذلك والصبر عليها.

ولقد اشتدت غُربة الإسلام في بُلدان الإسلام، وأخذت السُنة تُطمس معالمها، وتُطارد في كل مكانٍ، وحل محلها الضلال والبدع والكفر والفسوق.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم يحثُنا على أن نتمسك بسُنته ولو تركها الناس، ونغليها ولو أرخصوها، وندافع عنها ونصبر على الأذى في ذلك، فإن ذلك سبيل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

عباد الله، لقد قالوا: إن التمسك بالسُنة جمود ورجعيةٌ وتأخرٌ، فلا تهولَنَّكم هذه الألقاب، فقد قيل فيمن هو أجل منكم، أعظمُ من ذلك، فصبروا على دينهم، وما ضعفوا وما استكانوا ﴿وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ [آل عمران: 146].

وما عرف هؤلاء المخدوعون أن الجمود هو عدم قبول الحق، فإن الذي لا يقبل الحق قد تحجر قلبه وطُبع وخُتم عليه، فصار غُلفًا لا يصل إليه نورٌ، وأن الرجعية معناها الرجوع إلى الباطل، وأن التأخر هو التأخر عن الخير إلى الشر، وكل هذه الأوصاف موجودةٌ فيهم.


الشرح

([1])  أخرجه: الطبراني في ((الأوسط)) رقم (8986).

([2])  أخرجه: ابن وضاح في ((البدع)) رقم (169).