×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

إن الله سبحانه وتعالى توعد الذين يُخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم، كما حتم علينا طاعته فيما أمر ونهى، حيث يقول سبحانه: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ [الحشر: 7]، قال الإمام ابن القيم عند قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ [الأنفال: 24]: فتضمنت هذه الآية أمورًا: أحدها: أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ولرسوله، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات، فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرًا وباطنًا، فكما أنه لا حياة له حتى ينفُخ فيه الملك الذي هو رسول الله من روحه، فكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول البشري صلى الله عليه وسلم من الروح الذي أُلقي إليه، قال تعالى: ﴿يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ [النحل: 2]، فمن أصابهُ نفخ الرسول الملكي، ونفخ الرسول البشري، حصلت له الحياتان، ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرسول البشري، حصلت له إحدى الحياتين وفاتته الأخرى.

عباد الله: روى الإمام مسلم رحمه الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ([1]) وجاء في روايات أُخرْ وصف هؤلاء الغُرباء بأنهم «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([2]) وفي بعضها «أنَّهُم الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([3])،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (145).

([2])  أخرجه: أحمد رقم (16690)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (7659).

([3])  أخرجه: الترمذي رقم (2630)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (11).