×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

المطعم أثرًا سيئًا على الإنسان، ولو لم يكُن من ذلك إلا عدم قبول دُعائه لكفى ذلك زاجرًا، فإن العبد ليس له غنى عن دُعاء ربه طرفة عينٍ.

إن المُحرم إما أن يكون تحريمهُ لخُبثه في ذاته، لكونه يُغذي تغذية خبيثة، كالميتة والدم ولحم الخنزير. وإما أن يكون محرمًا لحق الله أو حق عباده كالمكاسب المحرمة، من الربا والقمار والسرقة، والغش في البيع والشراء، والغش في العمل الذي استؤجر عليه، وما أُخذ بطريق الرشوة أو الخيانة في العمل الذي أُسند إليه.

إن الله قد أغنى المؤمن بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، فما حرم عليه شيئًا من الخبائث إلا وقد أباح له من الطيبات ما هو خيرٌ منه وأضعاف أضعافه. إن منهج الإسلام في الأطعمة كمنهجه في جميع المجالات، منهج السماحة والحفاظ على سلامة الأرواح والأبدان والعُقول، فيبيح الطيبات من الأطعمة النافعة للأبدان والعُقول، ويُحرم الخبائث الضارة للأبدان والعُقول.

أمر الله سبحانه عباده أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم، وأن يشكروه على ذلك، فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ [البقرة: 172].

وشكرُ النعمة يكون باعتراف القلب أنها من الله وحده، وتحدُّثُ اللسان بذلك، والاستعانة بها على طاعة الله، وإذا تحقق الشُكر انتفى الأشر والبطرُ، وصارت هذه النعم قوامًا للحياة السعيدة، وعونًا على الطاعة. وإذا لم يتحقق الشُكر صارت هذه النعم استدراجًا للخلق، حتى يحيق بهم الهلاك والدمار، كما قال تعالى ﴿أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ ٥٥  نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ ٥ [المؤمنون: 55، 56].


الشرح