إن الله سبحانه
يُريد من عباده أن يترفعوا من التغذي بالخبائث؛ لأن الغذاء الخبيث يغذي تغذية
خبيثة، تؤثر على القلوب والطباع، وتحجب العبد عن ربه، فلا يرفع له دعاء.
إن الله تعالى أنزل
على نبيه الكتاب، وبين فيه للأمة ما تحتاج إليه من حلالٍ وحرام، كما قال تعالى: ﴿وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ
ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ﴾ [النحل: 89]، ووكل سبحانه بيان
ما أشكل من التنزيل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ
ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ﴾ [النحل: 44]، وما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى أكمل الله لهُ ولأمته الدين، فعن النُعمان بن بشير رضي
الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ
الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ
مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى
الشُّبُهَاتِ، فَقَد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي
الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ
أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى
اللهِ مَحَارِمُهُ، ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ
الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ
الْقَلْبُ» ([1]) رواه البخاري
ومسلم.
ومعناه: أن الحلال الخالص بين لا اشتباه فيه، مثل أكل الطيبات، وكذلك الحرام الخالص -مثل الخبائث من الأعيان والمكاسب- بيِّن لا اشتباه فيه. وبين الأمرين أمور تشتبه على كثير من الناس، هل هي من الحلال أو الحرام، وأما الراسخون في العلم فلا تشتبه عليهم، ويعلمون من أي القسمين هي.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).