×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

فعله، ولو أن إنسانًا تنفس في وجه هذا المدخن، أو بصق، أو امتخط أمامه، كم يكون تألمه وتضرره واستنكاره لهذا الفعل؟ وهو يفعل أقبح من ذلك بمجالسيه، فمج الدخان في وجوههم أعظم من ذلك بأضعاف، ولكن الأمر كما جاء في الحديث الشريف: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ([1]).

عباد الله: كم تعالت الأصوات في إنكار شُرب الدُخان؟ وكم صدرت التحذيرات الطبية من أضراره؟ وكم صدر من الفتاوى الشرعية بتحريمه، وكم أُلف من الكُتب والرسائل ببيان مفاسده، ومع هذا كله فشاربوه لا يجيبون داعيًا، ولا يصغون لناصح؛ لأنه قد أسرهم، وأحكم أسرهم، فلا يستطيعون منه خلاصًا، إلا بالإيمان وصدق العزيمة وشهامة الرجولة، وهذه صفات يفقدها كثير من الناس.

والكفار يدفعون هذا الدُخان إلينا، ويروجونه في أسواقنا، لعلمهم أنه سلاح قاتل يهدم الأجسام ويقضي على الصحة، ويجني على أخلاق الشباب، وبالتالي يستنزفون به ثروات بلادنا، وما يدريكم أن مزارع الدُخان ومصانعه إنما تقوم على تلك المبالغ الطائلة التي يدفعها السُذج في سبيل الحصول عليه، وبئس ما اشتروا لأنفسهم.

أيها المسلمون: إن شرب الدخان ضار للبدن والدين والمال والمجتمع، ومعلوم أن نوعًا واحدًا من هذه المضار يقتضي تحريمه والابتعاد عنه، فكيف إذا اجتمعت فيه تلك المضار؟ وإليكم بيان تلك المضار واحدةً واحدةً.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5769).