أخلاقهم، ويزكي نفوسهم، ويكونوا من حملة القرآن
وأهله، لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يقرأ في صلاته، وحفظ القرآن في
الصغر أولى من حفظه في الكبر، وأشد علوقًا بالذاكرة وأرسخ وأثبت؛ لأن التعلم في
الصغر كالنقش على الحجر.
عباد الله، إن أكثر الناس
اليوم انشغلوا عن تعلم القرآن، فالكبار انشغلوا بالدنيا، والصغار انشغلوا بالدراسة
النظامية في المدارس التي لا تعطي لتعليم القرآن وقتًا كافيًا، ولا عناية لائقة،
ولا مدرسين يقومون بالواجب نحوه. وبقية وقت الأولاد مضيع في اللعب في الشوارع، مما
أدى إلى جهلهم بالقرآن وابتعادهم عنه، حتى تجد أحدهم يحمل أكبر الشهادات الدراسية
وهو لا يحسن أن يقرأ آية من كتاب الله على الوجه الصحيح، وحتى آل الأمر إلى خلو
كثير من المساجد من الأئمة، لثقل تلاوة القرآن على غالب الناس.
والسبب في كل ذلك
بالدرجة الأولى إهمال الآباء لأبنائهم، وعدم اهتمامهم بهذه الناحية، فلا يدري
أحدهم ما حالة ابنه مع القرآن؟ وحتى صار القرآن مهجورًا بين غالب المسلمين، وهذا
ما شكا أو يشكو منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا
ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا﴾ [الفرقان: 30]، قال ابن كثير رحمه
الله: ترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره
من هجرانه. والعدل عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة
مأخوذة من غيره، من هجرانه.
وقال ابن القيم رحمه
الله: هجر القرآن أنواع:
أحدهما: هجر سماعه والإيمان
به والإصغاء إليه.