×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

فالحديث فيه الحث على التوبة من النفاق ومن صفات المنافقين، والاتصاف بصفات المؤمنين الصادقين؛ لأنه يجب على المؤمن أن يتطابق ظاهره مع باطنه، على الإخلاص والصدق في الأقوال والأفعال، في جميع الأحوال، وفي جميع المواقف، فيكون قدوة حسنة ومثالاً صادقًا للمؤمن الذي يعتز بإيمانه، ويحافظ على دينه، فيصدق في حديثه، ويرعى أمانته، ويفي بعهده، ويصدق في وعده، ويعدل في خصومته.

عباد الله، إن النفاق الأكبر: إنما يوجد في حال قوة المسلمين، ويتقمصه أناسٌ يريدون أن يعيشوا مع المسلمين، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم، فيظهرون الإسلام مع بقائهم على الكفر باطنًا، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويعملون ضد المسلمين في خفاء، وهذا النوع من النفاق لا يقع من مسلم.

أما النفاق الأصغر: فإنه مستمر في كل وقت، يقع من بعض المسلمين الذين ضعف إيمانهم، وهو الذي كان الصحابة يخافونه على أنفسهم، كان عمر بن الخطاب يسأل حذيفة بن اليمان عن نفسه: هل عده الرسول من المنافقين، قال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ويذكر عن الحسن قال: ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق.

عباد الله، هكذا كان السلف يخافون النفاق الأصغر على أنفسهم، لأنه وسيلة النفاق الأكبر، كما أن المعاصي بريد الكفر، وكما يخشى على من أصر على خصال النفاق أن يسلب الإيمان، فيصير منافقًا خالصًا.


الشرح