فِيمَا أَبْلاَهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ
اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَا عَمِلَ فِيهِ» ([1]).
فهذا العمر هو أعز
شيء لديكم، فلا تضيعوه ولا تفرطوا فيه، فإن الله سبحانه وتعالى جعل في كل يوم
وظائف لعباده من وظائف طاعته، فمنها ما هو فرضٌ كالصلوات الخمس، ومنها ما هو
نافلةٌ كنوافل الصلوات والذكر وغير ذلك. وجعل سبحانه للشهور وظائف، كالصيام
والزكاة والحج، ومن هذه العبادات ما هو فرضٌ، وما هو نافلةٌ. وجعل سبحانه لبعض
الأوقات فضلاً على بعض في مضاعفة الحسنات وإجابة الدعوات، كالأشهر الحرم، وشهر
رمضان، وعشر ذي الحجة، وليلة القدر، ويوم عرفة، ويوم الجمعة، وما من موسم من هذه
المواسم إلا ولله نفحةٌ من نفحاته، يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته، فالسعيد من
اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى الله بأنواع الطاعات، فعسى
أن تدركه نفحةٌ من تلك النفحات، فيسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا.
روى الإمام أحمد بسنده عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَيْسَ مِنْ عَمَلِ يَوْمٍ إِلاَّ وَيُخْتَمُ عَلَيْهِ» ([2])، وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مجاهدٍ قال: ما من يوم إلا يقول: ابن آدم، قد دخلت عليك اليوم، ولن أرجع إليك إلى يوم القيامة، فانظر ماذا تعمل فيّ؟ فإذا انقضى طواه، ثم يختم عليه، فلا يُفَكُّ حتى يكون الله هو الذي يفك ذلك الخاتم يوم القيامة، ويقول اليوم حين ينقضي:
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2417)، والدارمي رقم (537)، وأبو يعلى رقم (5271).