أُمُّكَ، هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى
مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» ([1])). والمراد بحصائد
الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته؛ فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات
والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيرًا من قول أو عمل حصد الكرامة،
ومن زرع شرًا من قول أو عمل حصد الندامة.
ومعصية القول
باللسان يدخل فيها الشرك، وهو أعظم الذنوب عند الله، ويدخل فيها القول على الله
بلا علم، وهو قرين الشرك، ويدخل فيها شهادة الزور التي عادلت الإشراك بالله، ويدخل
فيها السحر والقذف، ويدخل فيها الكذب والغيبة والنميمة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ
بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ
مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» ([2])، وأخرجه الترمذي
ولفظه: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا
يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ» ([3]).
أيها المسلمون، لقد كان خوف السلف
الصالح من آفات اللسان عظيمًا، كان أبو بكر رضي الله عنه يمسك لسانه ويقول: هذا
الذي أوردني الموارد.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بلسانه وهو يقول: ويحك! قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم، فقيل له: يا ابن عباس، لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ليس على شيء
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22069).