من جسده أشد حنقًا
أو غيظًا منه على لسانه، إلا من قال به خيرًا، أو أملى به خيرًا.
وكان ابن مسعود رضي
الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو: ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجنٍ من
لسانٍ.
وقال الحسن: اللسان
أمير البدن، فإذا جنى على الأعضاء شيئًا جنت وإذا عَفَّ عَفَّتْ.
أيها المسلمون، إن الإكثار من
الكلام الذي لا حاجة إليه يوجب قساوة القلب، كما روى الترمذي من حديث ابن عمر
مرفوعًا: «لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ
الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ
عَنْ اللهِ الْقَلْب الْقَاسِي» ([1]).
وقال عمر رضي الله
عنه: «مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ كَثُرَتْ
ذُنُوبُهُ، وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِه».
وقال محمد بن عجلان:
إنما الكلام أربعةٌ: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تكلم
فيما يعنيك من أمر دنياك.
فليس الكلام مأمورًا
به على الإطلاق، ولا السكوت مأمورًا به على الإطلاق، بل لا بد من الكلام في الخير
العاجل والآجل، والسكوت عن الشر الآجل والعاجل.
واللسان ترجمان القلب والمعبر عنه، وقد أمرنا باستقامة القلب واللسان، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ» ([2])، رواه الإمام أحمد في مسنده، وروى
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2411)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (4951).