ذُكِّرُواْ بِهِۦ
فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ
أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ﴾ [الأنعام: 44].
كم نرى الناس
يتراكضون لطلب الدنيا مسرعين، يخافون أن تفوتهم ونراهم يقعدون ويتأخرون عن حضور
المساجد لأداء الصلوات الخمس التي هي عمود الدين كم نراهم يجلسون في الشوارع
والدكاكين الساعات الطويلة، وقد يقاسون شدة الحر والقر لطلب الدنيا، بينما لا
نراهم يصبرون على الجلوس دقائق معدودة في المساجد لأداء الصلاة، أو تلاوة القرآن
كم نرى كثيرًا من شباب المسلمين يتسابقون إلى ملاعب الكرة، ويدفعون الدراهم للحصول
على تذاكر الدخول، ثم يحتشدون فيها ألوفًا مؤلفة، وربما يقضون النهار، ويسهرون
الليل، واقفين على أقدامهم، شاخصة أبصارهم، ناصبة أبدانهم، مبحوحة أصواتهم،
يشاهدون اللاعبين لمن تكون الغلبة منهم؟ يتحملون كل هذه المتاعب في سبيل الشيطان،
وإذا دُعوا إلى حضور الصلوات في المساجد بـ (حي على الصلاة، حي على الفلاح) عموا
وصموا وولوا وأعرضوا، كأن المؤذن يدعوهم إلى سجنٍ، أو كأنه يطلب منهم مذمة ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
ٱرۡكَعُواْ لَا يَرۡكَعُونَ ٤ وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ
٤٩﴾ [المرسلات: 48- 49]، ﴿يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا
يَسۡتَطِيعُونَ ٤ خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ
يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ ٤٣﴾ [القلم: 42، 43].
أيها المسلمون، هذه حالة الكثير منا اليوم: إقبالٌ على الدنيا، وإدبارٌ عن الآخرة، لا نعتبر بمن سبقنا، ولا ننظر إلى من حولنا، لا نتأثر بموعظةٍ، ولا ننتفع بذكرى، فإنا لله وإنا إليه راجعون!.