وآجلة، ولها آثار سيئة على العباد والبلاد، فكم
هلكت من أمة، وكم دمرت من بلاد، فما في الدنيا والآخرة من شرور وداء وبلاء إلا
بسبب الذنوب والمعاصي، فما الذي أخرج الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة
والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟ وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء،
وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه، فجعلت صورته أقبح صورة وأشنعها؟ وبدل بالقرب
بعدًا، وبالرحمة لعنًا، وبالجمال قبحًا، وبالجنة نارًا تلظى، وبالإيمان كفرًا، وحل
عليه غضب الرب ومقته؟
وما الذي أغرق أهل
الأرض كلهم حتى علا الماء فوق الجبال؟ وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى
ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ما مرت عليه من ديارهم
وحروثهم وزروعهم ودوابهم، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟ وما الذي أرسل
على ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟ وما الذي رفع قرى
اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ثم قلبها عليها، فجعل عاليها سافلها،
فأهلكهم جميعًا ثم أتبعهم حجارة من سجيل، أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما
لم يجمعه على أمة غيرهم، ولإخوانهم أمثالها ﴿وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ﴾ [هود: 83].
وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارًا تلظى؟ وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم؟ فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق. وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟