والآخرة، فقد وضع
السدود المنيعة التي تحول بين العباد وبين تلك الجريمة الشنعاء، وتقيهم شر
مخاطرها، متى التزموا بإقامة هذه السدود والحواجز، وهذه الحواجز هي:
أولاً: إقامة الحد على
الزاني بجلد البكر وتغريبه؛ أي: نفيه من البلد لمدة عامٍ كاملٍ، ورجم الثيب
بالحجارة حتى يموت، وقد حث سبحانه على الصرامة في إقامة حد الزنا، وعدم الرأفة في
أخذ الفاعلين بجرمهما، وعدم تعطيل الحد، أو الترفق في إقامته تراخيًا في دين الله،
وأمر بإقامته في مشهد عام يحضره طائفةُ من المؤمنين، فيكون أوجع وأوقع في نفوس
الفاعلين ونفوس المشاهدين.
ثانيًا: أمر سبحانه بغض البصر، فقال: ﴿قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠ وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣﴾ [النور: 30، 31]، فلما كان مبدأ الوقوع في جريمة الزنا من قبل البصر، جعل سبحانه الأمر بغضّه مقدمًا على الأمر بحفظ الفروج، فإن كل الحوادث مبدؤها من النظر، كما أن معظم النار مبدؤها من مستصغر الشرر؛ تكون نظرة ثم خطرة ثم خطوة ثم خطيئة، فمن أطلق نظره إلى ما حرم الله أورد نفسه موارد الهلاك،