وإذا أراد المشتري
أن يستوثق لنفسه فالبائع لا يجد حرجًا في أن يحلف بالله وهو كاذب، ولا أن يتفوه
بكلمات الدين والأخوة، وكل ما يغرر بالسامع ويزيل الشك من نفسه، فلدى البائع رصيد
كبير من الكلمات المعسولة، والتستر باسم الدين، وما يسحر به سمع المشتري وبصره،
حتى يخيل إليه أنه أمام أرحم الناس به وأصدقهم له، فإذا أفرغ ما في جيبه من
النقود، وذهب بسلعته المهزولة، وتكشفت له الخديعة بعد ذلك، وبانت له الحقيقة،
وانقشع عنه ضباب الكذب والدجل - وجد نفسه أمام سراب خادع، فحينئذ لا تسأل عن
ندامته، وكيف يكون شعوره نحو هذا الظالم الذي سلب ماله بغير سيف ولا رمح. إنه
حينئذ أصبح مظلومًا لا يملك إلا أن يرفع يديه إلى من ينتصر للمظلوم من الظالم،
يجأر إلى ربه بالدعوات الصارخة التي هي أشد من القذائف المدمرة، والتي لا بد أن
تصيب هذا الظالم إما عاجلاً وإما آجلاً.
فاتقوا الله، وكونوا
عباد الله إخوانًا، كما أمركم الله، فراعوا لهذه الإخوة حقوقها، وراعوا لها
حرماتها ﴿وَمَن
يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ﴾ [الحج: 30].
أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم: ﴿مُّحَمَّدٞ
رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ
بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ
وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ
مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ
فََٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ
ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا﴾ [الفتح: 29].
الصفحة 6 / 538