والمكاتب، والجلوس على الكراسي اللينة، كل ذلك
يقضي على قوة البدن، ويحوله إلى بدن منعم لين، لا يتحمل أدنى مشقة، ويعرضه للإصابة
بمختلف الأمراض القاتلة.
ومن نتائج المدنية
والترف وتنويع المآكل: الإصابة بالسمنة، والسمنة سبب للإصابة بتصلب الشرايين
وجلطات القلب وموت الفجأة، وقد قرر الأطباء أن السمنة تأتى نتيجة للإفراط في
الطعام والشراب وقلة الحركة.
ومن نتائج المدنية
والترف: الإصابة بضغط الدم، ومرض السكر، وهذه الأمراض وغيرها حدثت في
مجتمع المسلمين نتيجة لمخالفة سنة نبيهم، وهديه في تقليل الطعام والشراب، والتحرك
المفيد للبدن.
أيها المسلمون، إن الإسراف
والتبذير والترف أمراض فتاكة، وقد نهانا الله عنها؛ حماية لنا، ورعاية لمصلحتنا،
فلنحذر منها «ولنُحَذِّر منها» ([1]) لتعود لنا قوتنا
ورجولتنا، وتبقى لنا أموالنا، ولنعلم جميعًا أننا ما خلقنا في هذه الدنيا لنأكل
ونشرب ونعيش كما تعيش البهائم، وننعم أبداننا ونزخرف بيوتنا، وإنما خلقنا لنعبد
ربنا ونجاهد في سبيله، ونصبر ونصابر ونرابط، ما خلقنا عبثًا ولا تركنا سدى، بل
تحملنا مسؤولية أبت أن تحملها السموات والأرض والجبال وأشفقن منها.
كيف ينعم في هذه الدنيا من وراءه موت وقبر وبعث وحساب وميزان وجنة أو نار؟! كيف ينعم في هذه الدنيا من لا يدرى أين يكون مصيره الأبدي؟ كيف يسرف في مال الله من يعلم أنه محاسب على كثيره وقليله؟ من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ نسال الله أن يوقظ قلوبنا ويصلح أعمالنا.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.