النوع الثاني، ظلم العبد لنفسه
بارتكاب المعاصي التي هي دون الشرك، فأنه بذلك قد ظلم نفسه، حيث عرضها لسخط الله
وعقوبته، والله تعالى يقول، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ
نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6 ]، وهذا النوع من
الظلم تحت المشيئة إن شاء الله غفر لصاحبه، وإن شاء عذبه به، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ
أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48].
النوع الثالث: ظلم الناس بالتعدي على دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وهذا النوع لا يغفر إلا إذا سمح له المظلوم، وإن لم يسمح فإنه يمكن من الاقتصاص منه في الدنيا وفي الآخرة، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» ([1])، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلمَةٌ لأَِخِيهِ مِنْ عَرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّل مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» ([2]). وعنه أيضًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَتَدْرُونَ مَن الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِينَار وَلاَ دِرْهَمَ لَهُ، وَلاَ مَتَاعَ فَقَالَ: «الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا
([1])أخرجه: مسلم رقم (2582).