إلا الله، فيقول: لا إله إلا الله فيقول له: قل: أشهد أن مسيلمة رسول الله، فيقول: لا أسمع. ثم يقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا ويأبى أن يقول: مسيلمة رسول الله، حتى لقي ربه صابرًا محتسبًا.
وهذا عبد الله بن حذافة السهمي يأخذه ملك النصارى أسيرًا عنده ويقول له: اتبعني وأشركك في ملكي، فيأبى ويقول: لا أبغي بدين محمد صلى الله عليه وسلم بديلاً. ثم يحمي ملك الروم النحاس والنار ويغلي القدور لتعذيبه، وعند ذلك يبكي عبد الله بن حذافة، فيطمع ملك الروم برجوعه عن الإسلام ويقول: تتبعني وتترك دينك؟ فيرد عليه عبد الله رضي الله عنه بقوله: ما بكيت خوفًا على نفسي ولكن وددت أن لي نفوسًا عدد شعري تعذب في سبيل الله فتدخل الجنة بغير حساب.
وهذا عمار بن ياسر وأبوه وأمه سمية وأهل بيته، عُذِّبوا في الله ليتركوا دين الإسلام، فصبروا على العذاب وتمسكوا بالإسلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليهم وهم يُعَذَّبُون ويقول: «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ»([1]).
وهذا خَبَّابُ بن الأرت عُذِّبَ في الله وصبر على دينه، وكان من تعذيب المشركين له أن أوقدوا له نارًا وسحبوه عليها، فما أطفأها إلا شحم ظهره لما ذاب، كل ذلك وهو صابر على دينه لا يتزحزح عنه قيد شعرة.
أيها المسلمون: هذه نماذج من ثبات المسلمين على دينهم مع شدة الأذى والتعذيب، أضف إلى ذلك ما قدموه في سبيل حماية هذا الدين ونشره من جهاد بالأنفس والأموال، يتساقط منهم مئات الشهداء في
([1]) أخرجه: الحاكم رقم (5646)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (1631).