«بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» ([1])، وقد راعى الله سبحانه في هذا الدين العظيم أحوال عباده رحمةً بهم وتخفيفًا عليهم، فشرع لكل حالة ما يتناسب معها؛ فرخص للمسافر بالإفطار في نهار رمضان والقضاء من أيام أُخَر يكون صيامها أسهل عليه، ورخص له بقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، وأباح له الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، وشرع للخائف أن يصلي على حسب حاله ماشيًا أو راكبًا مستقبل القبلة وغير مستقبل لها ﴿فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ ﴾ [البقرة: 239]، وشرع للمريض أن يصلي على حسب استطاعته قائمًا أو قاعدًا أو على جنب.
ورفع سبحانه عن هذه الأمة المؤاخذة بالخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ﴾ [البقرة: 286]، وروى الطبراني وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ([2])، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وهو صائمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» ([3]).
كما شرع سبحانه للضرورات أحكامًا تناسبها؛ فيباح للمضطر ما هو محرَّم في غير حال الضرورة؛ كأكل الميتة؛ قال تعالى: ﴿فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ﴾[البقرة: 173] ([4])، وقال تعالى: ﴿فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [المائدة: 3].
([1]) أخرجه: أحمد رقم (22291)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (7883).