×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «نعم حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ»  ([1])، وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ خَلَّفْتُمْ بِالْمَدِينَةِ رِجَالاً، مَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، وَلاَ سَلَكْتُمْ طَرِيقًا، إِلاَّ شَارَكُوكُمْ فِي الأَْجْرِ، حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ». ([2]) فليس معنى يسر الدين أن تترك واجباته، وترتكب حرماته، بل من فعل ذلك استحق العقوبة في الدنيا والآخرة. ولهذا شرعت الحدود والعقوبات لردع هؤلاء وإلزامهم بشرائع الدين. ومثل هذا من يفعل المعاصي فإذا نُهِيَ عنها يقول: الدين ليس بالمظاهر، الدين في القلب. ويحتج بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «التَّقْوَى هَا هُنَا»   ([3])وأشار إلى صدره صلى الله عليه وسلم، وهو احتجاج باطل؛ لأن من كان في قلبه تقوى فإنه يبغض المعاصي ويتجنبها، وأما من ضعفت التقوى في قلبه أو عدمت فإنه لا يأنف من المعاصي ولا يستنكرها؛ قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ [الحج: 32]. وفساد الظاهر يدل على فساد الباطن، وصلاح الباطن يظهر أثره في صلاح الظاهر، فالتقوى أصلها في القلب، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ» ([4]). اللهم أصلح قلوبنا وثبتها على الحق ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ [آل عمران: 8].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4432)، ومسلم رقم (1911).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1911).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (2564).

([4])  أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).