المقدمة
الحمد لله رب
العالمين، أمر بالتذكير، وأخبر أن الذكرى تنفع المؤمنين، وأنكر على الذين يعرضون
عن التذكير فقال: ﴿فَمَا
لَهُمۡ عَنِ ٱلتَّذۡكِرَةِ مُعۡرِضِينَ﴾ [المدثر: 49] والصلاة والسلام
على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، فدعا إلى الله وذكر بأيام الله، وبلغ
البلاغ المبين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين - وبعد: فهذا
هو الجزء الخامس من: «الخطب المنبرية في المناسبات العصرية» والتي أحببت نشرها
رجاء أن ينفع الله بها من يقرؤها، كما أرجو أن يكون قد انتفع بها مَنْ سمعها.
وسيلاحظ القارئ
الكريم أنه ربما تتكرر عدة خطب في موضوع واحد؛ وهذا راجع لأهمية هذا الموضوع ووجوب
العناية به، ولأن تنويع التذكير وتكراره قد يكون أبلغ في التأثير، وخطبة الجمعة
لها أهمية كبرى، وقد أمر الله سبحانه بالسعي لحضورها واستماعها، ونهى النبي صلى
الله عليه وسلم عن الكلام وقت إلقائها؛ قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن
يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ
ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9] والذِّكرُ هو
الخطبة؛ قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: قوله تعالى:﴿إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ﴾ [الجمعة: 9] أي الصلاة، وقيل: الخطبة، والمواعظ، قاله سعيد بن
جبير. والصحيح أنه واجب في الجميع وأوله الخطبة. وبه قال علماؤنا إلا عبد الملك بن
الماجشون؛ فإنه رآها سُنَّة والدليل على وجوبها أنها تُحرِّمُ البيع، ولولا وجوبها
ما حرَّمَتْهُ؛ لأن المستحب لا يحرم المباح. وإذا قلنا: إن المراد بالذِّكْرِ