الصلاة، فالخطبة من الصلاة، والعبد يكون ذاكرًا
لله بفعله كما يكون مُسَبِّحًا لله بفعله. فإن قلت: كيف يفسر ذكر الله بالخطبة
وفيها غير ذلك؟ قلت: ما كان من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء عليه
وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير، فهو في حكم ذكر الله.
انتهى.
قال علماؤنا: يشترط
لصحة صلاة الجمعة: تقدم خطبتين؛ لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما. وقال
ابن عمر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس»([1]). هذا.. ويجب
الاعتناء بموضوع خطبتي الجمعة بحيث يكونا علاجًا لمشاكل المجتمع الإسلامي.
قال الإمام ابن
القيم: ومن تأمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان
الهُدى والتوحيد وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية، والدعوة إلى الله
وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره
وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه،
ويؤمرون من طاعته وشكره وذكره ما يحببهم إليه؛ فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم.
ثم طال العهد وخفي نور النبوة وصارت الشرائع والأوامر رسومًا تقام من غير مراعاة
حقائقها ومقاصدها.
فجعلوا الرسوم والأوضاع سننًا لا ينبغي الإخلال بها، وأخلوا بالمقاصد التي لا ينبغي الإخلال بها فرصعوا الخطب بالتسجيع والفقر وعلم البديع، فنقص بل عدم حفظ القلوب منها، وفات المقصود بها. انتهى.
([1]) أخرجه: النسائي رقم (1416)، والدارمي رقم (1558)، وابن خزيمة رقم (1446).