الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أرسل
رسوله بالهدى، ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا مزيدًا.
· أما بعد:
أيها الناس، ومعنى «أشهد أن محمدًا رسول الله» الإقرار بأنه رسول من عند الله، واعتقاد ذلك في القلب، ومقتضى هذه الشهادة يتلخص في أربعة أمور: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، فإذا شهدت أنه رسول الله وجب عليك أن تطيعه فيما يأمرك به، وأن تجتنب ما نهاك عنه، وأن تصدقه فيما يخبر به عن الله تعالى وعن الغيوب الماضية والمستقبلة، وألا تتقرب بشيء من العبادات إلا إذا كان موافقًا لشريعته، فتترك البدع والمحدثات، وتترك الأقوال المخالفة لسنته مهما بلغ قائلها من العلم والفقه، فكلٌّ منا يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: «كلنا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر». يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله: «أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد»، ويقول الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ