في بيان أسباب الفلاح
الحمد لله حكم بالفلاح
لأهل الإيمان، وبالخسارة لأهل الكفر والطغيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، من اتقاه وقاه، ومن عاذ به حماه، ومن أعرض عنه أذله وأشقاه، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله، لا خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها منه، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنته، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، كثير من الناس يظن أن الفلاح والسعادة في الحصول على حظوظ الدنيا العاجلة من وفرة المال وحصول الجاه والتمتع بالملذات. وصنف آخر يرى أن السعادة والفلاح هي في السبق في مجال الصناعة والاختراع، والترفع على الآخرين، وبناءً على هذه النظرية، صرفوا كل أوقاتهم وأفنوا أعمارهم وأنهكوا قواهم، في السعي وراء الحصول على تلك الأشياء التي هي في نظرهم مقومات السعادة والفلاح، فهي شغلهم الشاغل، وهمهم الذي ملك عليهم كل تفكيرهم، وهي موضوع أحاديثهم، وهي مجال تنافسهم. وايم الله لقد ضلوا، وما كانوا مهتدين، فلقد هلك وشقي بالمال قارون الذي آتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، ولقد هلك بالملك والسلطان فرعون الذي قال: ﴿أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِن تَحۡتِيٓۚ﴾ [الزخرف: 51]، ولقد هلك بالترف وتناول الملذات القرون الأولى ذات الترف والنعيم: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ
الصفحة 1 / 441