ما بعد رمضان
الحمد لله رب
العالمين، يتيح لعباده مواسم المغفرة، ويعرضهم لنفحات جوده، ليرفع درجاتهم، ويكفر
عنهم سيئاتهم، أحمده على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أول سابق إلى الخيرات،
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الفضائل والكرامات، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، أيها المسلمون، إن التاجر إذا دخل موسمًا من مواسم التجارة فتاجر فيه وباع واشترى طلبًا للربح، فإنه بعد انتهاء هذا الموسم وتصفية معاملته فيه، ينظر مبلغ ربحه وما حصل عليه من مكاسب، ينظر هل ربح أو خسر؟ هل غنم أو غرم؟ هذا الاهتمام البالغ في تجارة الدنيا وعرضها الزائل، تعتبرونه حذقًا ورشدًا. ونحن قد مر بنا قريبًا موسم من مواسم تجارة الآخرة الباقية، تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تجارة لن تبور، قد مر بنا شهر رمضان المبارك، تربح فيه السُّنَّة ثواب الفريضة، وتربح فيه الفريضة ثواب سبعين فريضة، يربح فيه العمل في ليلة واحدة ثواب العمل في ألف شهر، يفوز فيه أهل الاستقامة والصلاح برحمة الله، ويحصل فيه المذنبون على مغفرة الله، ويعتق فيه المستحقون لدخول النار من أصحاب الكبائر الموبقة يعتقون فيه من النار إذا تابوا إلى ربهم، من صام أيامه، وقام لياليه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، لقد مر بنا هذا الشهر بخيراته وعشنا
الصفحة 1 / 441