في فضل الجهاد، وبيان أنواعه
الحمد لله رب
العالمين، أمر بالجهاد في سبيله في كتابه وعلى لسان رسوله، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلاهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله، جاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به،
وعزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى: واعلموا أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، وأن منازل المجاهدين أعلى منازل أهل الجنة، كما لهم الرفعة في الدنيا فهم الأعلون في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69]، وقد أمر الله المؤمنين أن يجاهدوا فيه حق جهاده، فقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩ ٧٧ وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ ٧٨﴾ [الحج: 77- 87] كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته، فكما أن حق تقاته أن يُطاع فلا يُعْصَى، ويُذْكَر فلا يُنْسَى، ويُشْكَر فلا يُكْفَر، فحق جهاده أن يجاهد العبد نفسه ليسلم قلبه ولسانه وجوارحه لله، فيكون كله لله وبالله، والجهاد على أربع مراتب وهي: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار،
الصفحة 1 / 441