في الخشوع في الصلاة
الحمد لله رب
العالمين، أمرنا بالاستعانة بالصبر والصلاة على مشاق الحياة، وأخبر أنها كبيرة إلا
على الخاشعين، ووصف المؤمنين بالخشوع في صلاتهم، وجعل ذلك أول صفاتهم، فقال: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
١ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ٢﴾ [المؤمنون: 1، 2]، أحمده على عظيم
فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، ومن
تبعهم بإحسان.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
واعلموا أن الخشوع في الصلاة هو روحها والمقصود منها، وقد وصف الله به رسله
والصالحين من عباده فقال: ﴿إِنَّهُمۡ
كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ
وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ﴾ [الأنباء: 90]، وقال: ﴿قَدۡ
أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ٢﴾ [المؤمنون: 1، 2]. ووصف أهل العلم
بخشيته والخشوع عند سماع كلامه، فقال: ﴿إِنَّمَا
يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ﴾ [فاطر: 28]، وقال: ﴿قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ
لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦٓ إِذَا
يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ ١٠٧ وَيَقُولُونَ سُبۡحَٰنَ
رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعۡدُ رَبِّنَا لَمَفۡعُولٗا ١٠٨ وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ
يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩ ١٠﴾ [الإسراء: 107- 109].
وأصل الخشوع: لين القلب وسكونه وخضوعه، فإذا خشع القلب تبعه خشوع الجوارح والأعضاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ
الصفحة 1 / 441