في بيان مكانة المساجد في الإسلام
الحمد لله الذي جعل
المساجد بيوته التي أذن أن تُرفَع ويُذكَر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو
والآصال، رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وصالح الأعمال، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ انفرد بالعظمة والعزة والجلال، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله، حث على بناء المساجد وتطهيرها من الشرك وعقائد الضلال، صلى
الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، صلاةً وتسليمًا يتجددان بتجدد الغدو والآصال.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله،
واعرفوا ما للمساجد من مكانةٍ وحُرمةٍ، وقوموا بحقها من واجب الخدمة؛ فإنها بيوت
الله، ومهابط رحمته، وملتقى ملائكته والصالحين من عباده، وقد أضافها الرب إلى نفسه
إضافة تشريفٍ وإجلالٍ، وتوعد من يمنع عباده من ذكره فيها أو خرَّبها أو تسبب في
خرابها؛ فقال تعالى: ﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن
مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي
خَرَابِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا
خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٞ﴾ [البقرة: 114].
عباد الله: إن من ينظر في حالة المساجد اليوم، ويقارنها بما كانت عليه في صدر الإسلام، وعهد القرون المفضلة، يجد الفرق كبيرًا، فقد كانت المساجد في العهد الأول مواطن العبادة، ومعاهد العلم، ومنطلق المجاهدين، والرابطة القوية بين المؤمنين. كانت في غير أوقات الصلوات لا تخلو من المتعبدين، والمعتكفين، ولا من الدارسين
الصفحة 1 / 441